خلق الله عز وجل(سوميا) أبو الجن قبل خلق آدم عليه السلام بألفي عام .. وقال
عز وجل لـ(سوميا): تمن .. فقال(سوميا):
أتمنى أن نرى ولا نُرى، وأن نغيب في الثرى، وأن يصير كهلنا شاباً .. ولبى الله عز وجل لـ(سوميا)
أمنيته، وأسكنه الأرض له ما يشاء فيها .. وهكذا كان الجن أول من عبد الرب في الأرض. (المصدر قول ابن عباس رضي الله عنه).
لكن أتت أمة من الجن، بدلاً من أن يداوموا الشكر للرب على ما أنعم عليهم من
النعم، فسدوا في الأرض بسفكهم للدماء فيما بينهم .. وأمر الرب جنوده من
الملائكة بغزو الأرض لاجتثاث الشرّ الذي عمها وعقاب بني الجن على إفسادهم فيها.
وغزت الملائكة الأرض وقتلت من قتلت وشردت من شردت من الجن .. وفرّ من الجن
نفر قليل، اختبئوا بالجزر وأعالي الجبال .. وأسر الملائكة من الجن (إبليس)
الذي كان حينذاك صغيراً، وأخذوه معهم للسماء.(المصدر تفسير ابن مسعود)
كبر(أبليس)بين الملائكة، واقتدى بهم بالاجتهاد في الطاعة للخالق سبحانه ..
وأعطاه الرب منزلة عظيمة بتوليته سلطان السماء الدنيا.
وخلق الرب أبو البشر (أدم)عليه السلام .. وأمر الملائكة بالسجود لـ (أدم)
وسجدوا جميعاً طاعةً لأمر الرب، لكن(أبليس) أبى السجود وسائله رب عن سبب أمتناعه فقال( أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين))
وطرد الرب(أبليس) من رحمته، عقاباً له على عصيانه وتكبره .. وبعد أن رأى(أبليس)ما آل إليه الحال، طلب من الرب أن يمد له بالحياة حتى يوم البعث،وأجاب الرب طلبه .. ثم أخذ(أبليس) يتوعد (أدم)وذريته من بعده بأنه سيكون
سبب طردهم من رحمة الله.
قال تعالى: {إذ قال ربُك للملائكة إني خالق بشراً من طين . فإذا سويتهُ ونفخت
فيه من روحي فقعوا له ساجدين . فسجد الملائكة كلهم أجمعون . إلا إبليس استكبر
وكان من الكافرين . قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم
كنت من العالين . قال أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طين . قال فاخرج
منها فإنك رجيم . وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين . قال رب فأنظرني إلى يوم
يبعثون . قال فإنك من المنظرين . إلى يوم الوقت المعلوم . قال فبعزتك
لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين . قال فالحقُّ والحق أقول .
لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} آيات 71 ـ 85 سورة ص.
وأسكن الرب(أدم) الجنة، وخلق له أم البشر (حواء)
لتؤنسه في وحدته، وأعطاهما مطلق الحرية في الجنة، إلا شجرة نهاهما عن الأكل منها .. قال تعالى:{أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما
ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} آية 35 سورة البقرة.
في حين بقيت النار في داخل(أبليس) موقدة، تبغي الانتقام من(أدم) الذي يراه
السبب في طرده من رحمة الرب .. وهو غير مدرك أن كبره وحسده لـ(أدم)هما
اللذان أضاعا منه منزلته التي تبوأها بين الملائكة، وضياع الأهم طرده من رحمةربه.
كانت الجنة محروسة من الملائكة الذين يُحرمون على(أبليس) دخولها كما أمرهم
الرب بذلك .. وكان(أبليس) يُمني النفس بدخول الجنة حتى يتمكن من
(أدم) لذي لم يكن يغادرها.
فاهتدى لحيلة .. وهي أنه شاهد الحية يتسنى لها دخول الجنة والخروج منها، دون
أن يمنعها الحراس الملائكة من الدخول أو الخروج .. فطلب من الحية مساعدته
للدخول للجنة، بأن يختبئ داخل جوفها حتى تمر من الحراس الملائكة .. ووافقت
الحية، واختبئ (أبليس) داخلها حتى تمكنت من المرور من حراسة الملائكة لداخل
الجنة دون أن تُكتشف الحيلة .. وذلك لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه. (المصدر تفسير ابن كثير)
وطلب (أبليس)من الحية أن تكمل مساعدتها له، ووافقت .. وعلم (أبليس)بأمرِالشجرة التي نهى الرب سبحانه(أدم)و(حواء)
من الأكل منها، ووجد أنها المدخلالذي سيتسنى له منه إغواء(أدم و(حواء)
تى يخرجهما عن طاعة الرب وخروجهما من رحمته تماماً كحاله.
ووجد (أبليس) والحيه (أدم)و(حواء) بينما أغوت الحية
(حواء) حتى أكلا من الشجرة، بعد أن أوهماهما بأنهما من الناصحين،
وأن من يأكل من هذه الشجرة يُصبح من الخالدين، ومن أصحاب مُلك لا يُبلى.
وغضب الرب على(أدم)و(حواء) (أدم) و (حواء)لأكلهما من الشجرة .. وذكرهما بتحذيره لهما قالى تعالى :
ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدوٌ مبين} آية 22سورة الأعراف.
لم يجد (أدم) و (حواء) أي تبرير لفعلتهما سوى طلب المغفرة قالى تعالى: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا
وترحمنا لنكونن من الخاسرين} آية 23 سورة الأعراف.
وحكم الرب على (أبليس) و (أدم) و (حواء) والحيه بعد ماحدث قالى تعالى:
{اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر
ومتاع إلى حين} آية 36 سورة البقرة.
وهبط (أدم) و(حواء) من السماء إلى الأرض وتحديداً في الهند
كما ذهب أكثر المفسرين .. في حين هبط (أبليس) في "دستميسان" على
مقربة من البصرة .. وهبطت الحية في أصبهان(المصدر البداية و النهاية لابن كثير)
وتاب الرب على(أدم و (حواء)
و وعدهما بالفوز بالجنة إن اتبعا هداه، وبالنار إن ضلا السبيل قالى تعالى:
{فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا
وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}.
ولم يُخمد(أبليس)نار عداوته لـ(أدم)
رغم ما فعل بطرد أبو البشر من الجنة ..
فكان يُمني النفس أن يُحرم عليه الجنة للأبد تماماً كحاله .. لكن ما العمل؟
فهو يرى أن عداوته قد انكشفت، ولم يعد بإمكانهِ مواجهة (أدم)
الذي هو على طاعة الرب قائم، غير أن (أبليس)
بالأصلِ ضعيف كما أخبرنا سبحانه بذلك قالى تعالى: {إن
كيد الشيطان كان ضعيفاً} آية 76 سورة النساءولا قوة له إلا على الضالين قال تعالى: {فبعزتك لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين}.
لذا اختار أن يستخدم سلاحه "الوسوسة"، لكن ليس على(أدم) و (حواء)
بل على أبنهم (قابيل) الذي كان يُمني النفس بالزواج من توأمته التي شاء الرب أن يتزوجها أخيه (هابيل) فوسوس (أبليس) بـ(قابيل) بقتل (هابيل)
فحدث ماحدث من القتل ......... والقصة في ذلك مشهورة.
ووجد(أبليس) بذلك أن ذرية(أدم)
هدفه .. فتجنب(أدم) و (حواء) لإيمانهما
القوي وتوبتهما العظيمة، ووضع جلَّ أهدافه في ذريتهما التي رآها أضعف أمام
الأهواء .. فبدأ شرّه يظهر للوجود وبلا حدود.
ماتا (أدم) و (حواء) وظن(أبليس)
ن موتهما انتهاءً لهروبه من المواجهة، وأن
بإمكانه الظهور علناً للبشر وشنّ حربه عليهم، لأنهم ضعفاء لا يقدرون على
المواجهة .. فظهر للعلن ومعه خلق من شياطين الجن والمردة والغيلان ليبسط
نفوذه على الحياة في الأرض.
لكن الرب شاء أن ينصر بني الإنس على الجيش الإبليسي الذي أسسه(أبليس)
من الجن والمردة والغيلان، حين نصرهم برجلٍ عظيم اسمه (مهلاييل)ونسبه:
مهلاييل بن قينن بن انوش بن شيث عليه السلام بن آدم عليه السلام
.. ويروى
أنه ملك الأقاليم السبعة وأول من قطع الأشجار.
قام(مهلاييل) بتأسيس مدينتين محصنتين هما: مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى،
ليحتمي بها الإنس من أي خطرٍ يهددهم .. ثم أسس جيشه الإنسي الذي كان أول جيش
في حياة الإنس للدفاع عن بابل والسوس الأقصى، وقامت معركةٌ رهيبة بين جيش (مهلاييل)
وجيش(أبليس) كتب الرب النصر بها للإنس، حيث قُتل بها المردة
والغيلان وعدد كبير من الجان، وفرّ(أبليس) من المواجهة. (المصدر البداية و النهاية لابن كثير).
بعد هزيمه(أبليس) وفراره من الأراضي التي يحكمها
(مهلاييل) ظل يبحث عنمأوى يحميه ومن معه من شياطين الجن الخاسرين في المعركة ضد (مهلاييل) اختار أن يكون هذا المأوى بعيداً عن مواطن الإنس، يبني به مملكة يحكمها وتلم
شمل قومه شياطين الجن الفارين من غزو الملائكة آنذاك .. فأي مأوى اختار(أبليس)لبناء مملكته ؟
طاف(أبليس) في الأرض بحثاً عن المنطقة الملائمة لبناء حلمه .. ووقع اختياره
على منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين .. وكان اختياره لهاتين المنطقتين
لأسباب عدة هي:
1ــ تقع منطقتي برمودا والتنين على بُعد آلاف الأميال عن المناطق التي يستوطنها البشر آنذاك.2ــ أراد (أبليس)قدرات الجن الخارقة في بناء المملكة، والتي كان من أهم تلك
2ــ أراد (أبليس)قدرات الجن الخارقة في بناء المملكة، والتي كان من أهم تلك
القدرات التي تلائم طبيعة البحر ما ذكرها القرآن الكريم:
{والشياطين كل بناء وغواص} آية 37 سورة ص.
وبعد ذلك وضع عرشه على الماء، وأسس جيشه من شياطين الجن الذين التفوا حوله في
مملكته، ينفذون كل ما يأمرهم به .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن
الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة
أعظمهم عنده فتنة، يجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا
وكذا، فيقول إبليس: لا والله ما صنعت شيئاً، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى
فرقت بينه وبين أهله، قال: فيقربه ويدنيه ويقول: نعم أنت)) رواه مسلم.
ووضع (أبيلس)للحيات مكانة خاصة عنده، جزاء ما فعلت له الحية في السماء من مساعدة تسببت في خروج
(أدم ) و (حواء) من الجنة .. وذلك بأن جعلها من المقربين
لعرشه .. في مسند أبي سعيد: عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لابن صائد: ((ما ترى))؟ قال: أرى عرشاً على البحر حوله الحيات، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ((صدق ذاك عرش إبليس)).
وأسس (أبليس) مجلس وزرائه الذين سيقود مخططاته الشيطانية في عالم الإنس .. عن
كتاب "آكام المرجان للشلبي" روي عن زيد عن مجاهد في قوله:
((لإبليس خمسة من
ولده، قد جعل كل واحد منهم على شيء من أمره، ثم سماهم فذكر: ثبر، الأعور،
سوط، داسم، زلنبور .. أما ثبر فهو صاحب المصيبات الذي يأمر بالثبور وشق
الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية .. وأما الأعور فهو صاحب الزنا الذي يأمر
به ويزينه، وأما سوط فهو صاحب الكذب الذي يسمع فيلقى الرجل فيُخبره بالخبر
فيذهب الرجل إلى القوم فيقول لهم: قد رأيتُ رجلاً أعرف وجهه وما أدري أسمه
حدثني بكذا وكذا .. أما داسم فهو الذي يدخل مع الرجل إلى أهله يُريه العيب
فيهم ويُغضبه عليهم .. أما زلنبور فهو صاحب السوق الذي يركز رايته في السوق.
ولم يكن (أبليس) وشياطين الجن فحسب من تسنى لهم بناء مملكة قوية، بل أيضاً
الإنس بنوا حضارات عظيمة، حتى غدى العالم لبني الإنس قرية صغيرة، ولم يعد
المكانين المنعزلين عن العالم المسميين برمودا والتنين غائبتين عن عيون
الإنس، ذلك أن بفضل التكنولوجيا المتطورة التي اخترعها الإنس من طائرات حلقت
في السماء، وسفن طافت البحار، وغواصات بلغت كل قاع، جعلت كل شيء تحت مرمى
الأبصار
وظلت مملكة شياطين الجن آمنة لعصور عدة .. لكن ما أن عرف الإنس ركوب البحر
ومرورهما بكلتا المنطقتين، إلا وأدرك شياطين الجن الخطر الذي يهددهم ..
فاختطفوا أعداداً من السفن والقوارب والغواصات والطائرات التي ربما رأت سراً
عن عالم شياطين الجن، فخشي الجن افتضاح أمرهم، وبالتالي خسارة مملكتهم، كما
خسروا من قبل الأرض التي كانوا وحدهم يعيشون فيها، وخسروا معركتهم مع (مهلاييل)
الذي شردهم عن الأراضي القريبة من مواطن الإنس .. فعمدوا إلى
الاختطاف كل طائرة وسفينة ونحوهما مارة .. حتى حققوا بذلك نصراً عندما صدر
قرار دولي بمنع الملاحة في منطقتي مثلث برمودا ومثلث التنين.